أخبار العالم

الاتجاهات الإيجابية

أخبار النجاح

التخبط


الزراعة

قطاع العمل

الثقافة

التربية

الحكومة

الصحة

العلم

السلام العالمي

أخبار لكل بلد


مهاريشي في العالم اليوم

الإتقان في العمل

مؤشر المجتمع المثالي

العالم المنيع

عمل من أجل الإنجاز

إعلانات

بث مباشر

قناة مهاريشي

مؤتمرات مهاريشي الصحفية ومناسبات عالمية كبيرة


أجمل الهدايا

برامج مهاريشي

دورات مهاريشي

منشورات مهاريشي

الذكاء المتألق

روابط حول العالم

التأمل التجاوزي

الأبحاث

مناسبات مختارة

روزنامة الاحتفالات

مركز الموسيقى


 
 
 

 

رأي المعلوماتيّة في «حرب الابتكار» بين ترامب والصين

أحمد مغربي
 2 يوليو 2018

ربما لم يكن متوقعاً أن يشهد القرن 21 حرباً تجاريّة أولى قبل عبور العقد الثاني منه، خصوصاً أنّ السنوات الممتدة منذ نهاية «الحرب الباردة» في تسعينات القرن العشرين، شهدت صعود عولمة قادتها أميركا وبدت كأنها تحقق تقارباً واسعاً بين الشعوب.

مع تمدّد الإنترنت التي اعتبرت إحدى روافع العولمة الأميركيّة، انتشرت وعود زاهية على غرار «القرية الكونية الصغيرة» التي تسودها حرية انتقال المال والبضائع والسلع والخدمات والأفكار، مترافقة مع حوكمة رشيدة ونظم تمثيلية عادلة بالنسبة إلى شعوب الأرض كلها.

بمعنى ما، شكّل صعود الشعبويّة في الغرب (وهو مهد العولمة ووعودها)، اهتزازاً في تلك الصورة التي صارت كأنها من حكايا الجنيّات.

في أميركا، جاء الرئيس دونالد ترامب محمولاً على تلك الشعوبيّة، ولم يتردد في الانقضاض على العولمة التي تقودها... أميركا بالذات! مهما بدا الأمر مستغرباً، فالأرجح أنه يفترض تفكيراً معمقاً بمعطياته. وبغض النظر عن الآراء المتناقضة، يصعب عدم ملاحظة أن ترامب سار سريعاً من الانقضاض على العولمة الأميركيّة (رافعاً شعار «أميركا أولاً»)، إلى الحمائية المتصاعدة التي أوصلت إلى حافة حرب تجاريّة عالمية، يجهد اللاعبون الدوليون في تجنبها.

وبالنسبة لترامب، شكّلت الصين الجبهة الأبرز في الانقضاض على العولمة والاقتراب من حافة الهاوية في الحرب التجاريّة. وركز خطاب الإدارة الأميركيّة الشعبويّة كثيراً على مسألة الملكيّة الفكريّة في الصراع مع الصين، بل اعتبرها المعطى الأساسي فيه.

واندفع من «البيت الأبيض» خطاب يندد بممارسات الصين في الملكيّة الفكريّة، لأنها تضرب الابتكار الذي هو الركيزة الأساسية في الاقتصاد الأميركي في عصر المعلوماتيّة والاتّصالات المتطورة (وهي بداية الثورة الصناعيّة الرابعة)، بل أن الابتكار هو الذي قاد الاقتصاد الغربي في الثورات الصناعيّة الثلاث التي استهلت في القرن التاسع عشر، مع الثورة الصناعيّة.

لم يأت ترامب بشأن حماية الابتكار من فراغ، بل الأرجح أنه عبّر عن هواجس أميركيّة متنوّعة، بغض النظر عن الموقف من سياسة ترامب!

أبعد من ترامب: أميركا القلقة

في المشهد الأميركي، هناك من يساوره قلق أصيل بشأن مسار الابتكار (مجدداً، هو الركيزة الأساسيّة للتجربة الأميركيّة تاريخياً)، لأسباب متنوعة. هل لأن أميركا هي مركز الابتكار في المعلوماتيّة والاتّصالات المتطوّر، بل مجمل الابتكار التقني المعاصر، تسمع منها الصرخة الأعلى في الحرص على... الابتكار؟ في المقابل، يمتلئ بالرضى أصحاب العلاقة السطحيّة بالابتكار، خصوصاً أولئك المبهورين بما تنتجه العقول المتألّقة والمأخوذين بالتقنيّات كأنها سحر معاصر، يساور القلق المهد الأميركي للابتكار على مساره ومآله.

ولا يخفي كتاب بيتر ثاييل، وهو أكاديمي معلوماتي ومستثمر تقني، «من الصفر إلى الواحد: كيف نبني المستقبل» قلقه على مسار الابتكار التقني، خصوصاً في المعلوماتيّة والاتّصالات المتطوّرة. ويجعل ذلك القلق مركزاً لأفكاره، وافقاً لتناول الابتكارات والتقنيات المعاصرة ومستقبلها. ولعلها ليست مصادفة أن ثاييل مؤيد لترامب ومقرب منه، بل إنه من مستشاريه الرئيسيين في التقنيات الرقمية واقتصادياتها!

وتهيمن نبرة القلق المتوجس على كتاب «من الصفر إلى...» حيال التطوّر المعلوماتي، بل ظاهرة الابتكار في أميركا. إذ يرى ثييل أن صعود المعلوماتيّة والشبكات نقل الابتكار من حالٍ يسميّها «التوسّع عاموديّاً» إلى وضعية «التوسّع الأفقي». ويعطي تكاثر التطبيقات في الاتّصالات وأجهزتها نموذجاً عن الأخير. وعلى رغم أن مؤلّف الكتاب يصف نفسه بأنه مراقب من الخارج لظاهرة يرى أنها أقرب بالسقوط إلى الهاوية، إلا أن ثاييل يعمل في قلب «وادي السيليكون» الأميركي. وإضافة إلى كونه أستاذاً في جامعة «برنستون» في المعلوماتيّة والتقنيّات الرقميّة، فإنه كان مؤسّس مشارك لموقع «باي بال» Bay Pal للتجارة والتبادل الإلكترونيّين.

فكرة متألقة؟ اخدمها إن لم تمتلكها

وعلى رغم تدفّق الأخبار يوميّاً بأخبار الاختراعات الآتية من «وادي السيليكون»، إلا أن ثاييل يحذّر من أن المعلوماتيّة باتت أسيرة سهولة مغرية ومتدنيّة، يشير إليها بمصطلح «التقدّم أفقيّاً».

وبنبرة تمزج التهكّم بالمرارة، يسأل شباب أميركا: «أحقاً يقتصر طموحك على صنع تطبيق يكون واحداً من مليون تطبيق في المخازن الرقميّة لـ»آبل» و» غوغل»؟ أليس الأجدر أن ترفعوا السقف إلى أعلى من ذلك»؟

يستطرد ثاييل ليشير إلى أن صعود ظاهرة «من يريد أن يطوّر مبتكرات موجودة، بدل ابتكار ما يغير حياة الناس فعليّاً»، وهو ما يسميه «التقدّم عاموديّاً».

ويضرب ثاييل مثلاً على الفارق بين التغييرين الأفقي والعامودي، باسترجاع مسار الابتكار الحديث.

ويشير إلى أنّ الخمسين سنة التي تلت العام 1915، شهدت ظهور الراديو والتلفزيون والمضادات الحيويّة والصاروخ والقمر الاصطناعي والقنبلة الذريّة والرقاقة الإلكترونيّة وأشباه الموصلات والأوتوسترادات الضخمة ونُظُم التكييف للمنازل والمباني و... و... والكومبيوتر نفسه، لأن أول كومبيوتر فعليّاً كان الـ»إينياك» ENIAC الذي أنجِز في العام 1946. وبنبرة لا تخلو من التحدي، يشير ثاييل إلى تلك الابتكارات «العاموديّة» بدّلت حياة الناس على الكرة الأرضية، فيما أن النصف قرن التالي للعام 1965، لم يكن حافلاً بابتكارات «عامودية» بمعنى أن تكون تغييرية في صورة أساسيّة.

وفي السياق ذاته، يصنّف ثاييل في خانة «التقدّم العامودي» مبتكرات كالإنترنت و»غوغل» و»آي باد» و»آي بود» و»اوبر» Uber، مع ملاحظة أنه كان في طليعة من دعم مارك زوكربرغ في «فايسبوك» عبر ضخّ الأموال في تلك الشبكة الاجتماعيّة الرقميّة. وفي كتاب «من الصفر إلى الواحد» يقدّم ثاييل تعريفاً للابتكار بأنه «أن تمتلك فكرة متألّقة لا يعرفها أي شخص آخر»، ويفترض بتلك الفكرة أن تساعد في مسألة أساسيّة تتمثّل في ابتكار «شيء ما» يستطيع أن يحدث أثراً تغييراً جذريّاً في حياة الناس، ويدفعها إلى الأمام.

«إذا لم يكن لديك فكرة مبتكرة فعليّاً، فالأفضل أن تعمل لدى شخص لديه تلك الفكرة»، يشدّد ثاييل الذي وضع كتابه استناداً إلى مجموعة محاضرات ألقاها في جامعة «برنستون» الأميركيّة، ضمن منهج دراسي مخصص للشباب الأميركي المبتكر. ويضرب ثاييل مثالاً على من يملك فكرة ابتكار جذري بالأميركي إيلون موسك، مؤسّس شركة «سبايس إكس» Space X التي تسعى إلى صنع صواريخ من نوع جديد في اكتشاف الفضاء، تكون قابلة لإعادة الاستخدام.

وكذلك يعمل موسك على إخراج صناعة السيّارات الكهربائيّة من «عنق الزجاجة» الذي تعانيه حاضراً، بابتكار سيّارات كهربائيّة عائلية تكون بسعر معقول، تعكف على صناعتها شركته الثانية التي تحمل اسم «تيسلا» Tesla، كي تصبح شائعة الاستعمال وتغيير أساطيل السيّارات التي تسير على الطرقات حاضراً.

تجديد مسار الدولة المعاصرة

على السطح، يبدو كتاب «من الصفر إلى الواحد» كأنه يتأرجح بين الدعوة إلى توظيف الابتكار في صنع شركات يمارس فيها الأفراد احتكاراً مسنوداً بـ»الابتكار العامودي» الأصيل، كحال صواريخ «إكس سبايس» القابلة لإعادة الاستخدام والتي لا نظير لها عالميّاً، وبين إكبار دور الدولة في ظاهرة الابتكار!

يعود ثاييل إلى برنامج اكتشاف الفضاء الشهير «أبولو» الذي أوصل البشر إلى القمر، وأعطى أميركا سبق أن يكون أول إنسان يمشي على القمر من الشعب الأميركي. وبنظرة متعجّلة، يبدو الاحتكار الفردي و»احتكار» الدولة، على طرفي نقيض.

ويزيد في تعقيد التناقض أن الأشياء التي يعتبرها ثاييل ابتكارات «عاموديّة» في المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة (كـ»غوغل» و»فايسبوك» و»آي باد») هي شديدة الشيوع، بل أنه هو من ينادي بصنع ابتكارات تدخل إلى صلب الحياة اليوميّة للناس كي تغيرها وتبدّلها.

ومن الواضح أن برنامج «أبولو» لم يتحوّل إلى شيء يومي، بل يصعب تلمّس آثاره على الحياة اليوميّة للناس، في ذلك المعنى. في المقابل، يشدد ثاييل على أن المدى الواسع للطموح المتوثّب في الابتكار، هو ما يدفعه إلى رفع القبّعة لبرنامج «أبولو».

وفي الجهة المقابلة، لا يؤيّد ثاييل الاحتكار بحد ذاته، بل يرسمه في إطار ضرورة أن يكون الابتكار له طابع الطموح الضخم، بل إلى أقصى حدّ. بقول آخر، يشدّد ثاييل على ضرورة التخلّص في التفكير في العاديّة والوسط والشائع، وهو ما يرى أن المسار الحاضر للمعلوماتيّة تسير فيه، وهو سبب نعيه الزاعق لها. وفق كلمات ثاييل، «وقعت المعلوماتية أسيرة للتسليع... يسعى آلاف الشباب الجامعيين إلى تحسين ما هو شائع ورائج، بدل ابتكار أشياء ليست موجودة، حتى لو بدا أنها ربما لا تكون رائجة. ما هي الجدوى من صنع برامج لتحسين الشبكات الاجتماعيّة؟ أليس الأفضل التفكير في صنع شيء مختلف عنها، يؤدي إلى تغيير ضخم يشبه ذلك الذي أحدثه ابتكار تلك الشبكات أصلاً»؟ ومع تذكّر أن شركات كـ»مايكروسوفت» (ابتكرت نظام التشغيل «ويندوز» ومجموعة ضخمة من البرامج التي جعلت الكومبيوتر قابلاً للاستخدام اليومي) و»فايسبوك» لا تنجوان من الاتهام بالاحتكار، يغدو مستطاعاً فهم السياق الذي يفكر فيه ثاييل في العلاقة بين الاحتكار والابتكار.

وفي المقلب الآخر من المشهد ذاته، يحثّ ثاييل الشباب الأميركي على التفكير ليس بالثراء من صنع أشياء تستند إلى ما هو رائج، بل التفكير في ما يريدون أن تكون حياتهم كلها، مع تذكيرهم بقول مهندس الكومبيوتر الشهير آلان كاي: «أفضل طريقة لتوقّع المستقبل هي... صنعه وابتكاره»!

جميع الحقوق محفوظة © 2018 الأخبار العالمية الجيدة ® 

كل يوم توثق الأخبار العالمية الجيدة ارتفاع لنوعية أفضل من الحياة تشرق في العالم وتسلط الضوء على الحاجة لإدخال البرامج القائمة على القانون الطبيعي – القائمة على المعرفة الكلية - لتقديم دعم الطبيعة لكل فرد، ولرفع نوعية الحياة لكل مجتمع، وخلق حالة دائمة من السلام في العالم.